الشيخ حمد بن ناصر بن معمر (1160 - 1225هـ )

هو الشيخ العالم العلامة حمد بن ناصر بن الأمير عثمان بن حمد بن عبد اللّه بن محمد بن حمد بن عبد اللّه بن محمد بن معمر بن حمد بن حسن بن طوق بن سيف التميمي .
مـولــده :
ولد الشيخ حمد في مدينة العيينة بلده وبلد آبائه وأجداده، وهي يومئذ أكبر مدن نجد، وذلك إبان إمارة جده عثمان بن معمر عام 1160هـ .


نشأته وتعلمه :
نشأ الشيخ حمد في مدينة العيينة وهي التي تأثرت بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فقرأ على علمائها القرآن وحفظه عن ظهر قلب وحينما بلغ الرابعة عشرة من عمره انتقل مع والده وأقاربه إلى الدرعية عام 1173هـ، فرغب التزود بالعلم وثابر على تحصيله بجد واجتهاد وهمة عالية، فوافق ذلك منه فهماً جيداً وذكاء حاداً وحفظاً قوياً، ودرس على أشهر علماء الدرعية ذلك الوقت وهم :

1- الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فقرأ عليه الأصول والفروع والحديث ولازمه ملازمة تامة وحضر دروسه واستفاد منها.
2- الشيخ محمد بن مانع التميمي.
3- الشيخ حسين بن غنام قرأ عليه علوم اللغة العربية.

عند ذلك أدرك في العلوم الشرعية عامة وعلوم اللغة العربية إدراكا جيداً وبلغ مبلغاً كبيراً، استشهد والده ناصر بن عثمان عام 1182هـ وعمر الشيخ حمد يقارب 22 عاماً. فواصل الشيخ حمد تعليمه حتى صار من أكابر علماء نجد، ومن أوسعهم اطلاعاً وأطولهم باعاً ، وأجوبته أكبر شاهد على ذلك.


أعمـالـه :
للشيخ الجليل حمد بن معمر أعمال عديدة منها :

أ- التدريس :
لما بلغ الشيخ حمد المبلغ الكبير من العلم جلس للتدريس في الدرعية الزاهية بالعلماء والآهلة بالطلاب، فحفوا به وتقاطروا عليه وجلسوا بين يديه وصارت مجالسه ودروسه حافلة بالطلاب والمستمعين، فنفع اللّه بعلمه خلقاً كثيراً واستفاد منه الجم الغفير وأبرز من درس وتخرج على يديه من العلماء هم :
1- ابنه الشيخ الاديب عبد العزيز بن حمد بن معمر ت 1244هـ.
2- العالم الجليل سليمان بن عبد اللّه آل الشيخ.
3- الشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب ت 1285هـ .
4- الشيخ علي بن حسين آل الشيخ.
5- الشيخ عبد العزيز بن حمد بن إبراهيم بن مشرف.
6- الشيخ عبد اللّه بن محمد بن عبد الوهاب.
7- الشيخ عبد اللّه بن محمد بن أحمد بن مشرف.
8- العالم الجليل إبراهيم بن سيف الدوسري .
9- الشيخ عبد العزيز بن عبد اللّه الحصين.
10- الشيخ عبد العزيز بن عثمان بن شبانة.
11- الشيخ عبد اللّه بن سليمان بن سيف الدوسري.
12- الشيخ عبد اللّه بن سليمان بن عبيد.
13- الشيخ عبد اللّه بن عبد الرحمن بن عبد العزيز أبابطين.
14- الشيخ حسين بن عبد اللّه بن عيدان.
15- الشيخ سعيد بن حجي.
16- الشيخ علي بن يحي بن ساعد.
17- الشيخ غنيم بن سيف.
18- الشيخ قرناس بن عبد الرحمن بن قرناس.
19- الشيخ محمد بن سلطان العوسجي.
20- الشيخ علي بن حسن اليماني
21- الشيخ جمعان بن ناصر
22- محمد بن عبد الله العوسجي.
23- عبد الله بن أحمد البسمي.
24- عبد الله بن أحمد الوهيبي.


ب- الافــتــاء :
قُصد الشيخ حمد بالأسئلة والفتاوي من أنحاء الجزيرة العربية، فأجاب عنها الأجوبة المحررة السديدة التي تدل على العلم الواسع والفقه النقي والباع الطويل في جميع العلوم الشرعية، فجاءت في فتاويه ورسائله فوائد زائدة عما كتبه من قبله من الفقهاء ، تنبئ عن حسن تعليل وجمال تخريج على كلام العلماء الذين سبقوه.


جـ- المناظرات والإرشادات :
في عام 1211هـ طلب الشريف غالب بن مساعد أمير مكة من الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود أن يبعث له عالماً ليناظر علماء مكة المكرمة، فبعث إليه الإمام عبد العزيز بالشيخ حمد بن معمر على رأس ركب مع العلماء فيهم الشيخ عبدالعزيز بن حصين، فلما وصلوا إلى مكة أناخوا رواحلهم أمام قصر الشريف غالب ، فأستقبلهم وأكرمهم وأنزلهم المنزل اللائق بهم، فلما فرغوا من عمرتهم واستراحوا من وعثاء السفر وعنائه جمع الشريف بينهم وبين علماء الحرم الشريف، من أرباب المذاهب الأربعة، والمقدم فيهم مفتي الأحناف الشيخ عبد الملك بن عبد المنعم القلعي، فصار بينهم وبين الشيخ حمد بن ناصر بن معمر ورفاقه مناظرة عظيمة مهمة ، عقد لها عدة مجالس بحضرة والي مكة الشريف غالب وبمشهد كبير من أهل مكة وذلك في شهر رجب من سنة 1211هـ، فظهر عليهم الشيخ حمد بن ناصر بن معمر بحجته وأسكتهم بأدلته وبراهينه، فسلموا له وأذعنوا لأقواله ودلائله ثم طلب منه علماء مكة الإجابة على ثلاث مسائل الأولى دعاء الأموات، والثانية حكم البناء على القبور، والثالثة حكم من أتى بالشهادتين ومنع الزكاة، فحرر في هذه المسائل الثلاث رسالة مفيدة سماها علماء الدرعية (الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم بالسنة والكتاب). ولولا مكانة الشيخ حمد بن معمر العلمية الكبيرة وعقليته الراسخة ما اختاره الإمام عبد العزيز وأيده علماء الدرعية على أن يكون السفير الكبير في هذه المهمة العظيمة فصار يجادل العلماء بمذهبهم ويرد عليهم من كتبهم وأقوال أئمتهم.

وفي عام 1220هـ بعد أن حاصرت جيوش الإمام سعود بن عبد العزيز أمير مكة الشريف غالب ، وضيقوا عليه بعد أن نكث العهد، فلما اشتد على الشريف الأمر طلب الصلح، وكان حامل كتاب الصلح من الامام سعود إلى الشريف غالب هو الشيخ حمد بن معمر، فوصل من الدرعية ومعه عشرون رجلاً إلى جدة حيث يقيم الشريف فأعطوه الكتاب، وساق الشيخ عبد اللّه بن بسام حادثة وصول الشيخ حمد لمدينة جدة حيث قال: « حدثني وجيه الحجاز الشيخ السلفي محمد بن حسين بن عمر بن عبد اللّه نصيف قال حدثني رجل ثقه من آل عطيه من أهل جدة عن أبيه قال : جمعنا في مسجد عكاشة حينما قدم حمد بن ناصر بكتاب الصلح بين سعود وغالب فصعد المنبر وخطب خطبة بليغه تدور حول تحقيق التوحيد وإخلاص العبادة ، ثم حذر من ترك الصلوات وأمر بأدائها في المساجد، ونهى عن شرب الدخان وعدم بيعه وتعاطيه بحال من الأحوال ، كما أمر بهدم القباب التي على القبور وأمر بالحضور إلى المساجد لسماع رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فامتثل الناس هذا كله فصرت لا ترى الدخان لا استعمالاً ولا بيعاً وصارت المساجد تزدحم بالمصلين وهدمت القباب التي على القبور، وصار الناس يحضرون لسماع الدرس».
ثم عاد بعد ذلك الشيخ حمد إلى الدرعية.


د - القـضـاء :
عين الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد الشيخ حمد بن معمر في قضاء الدرعية فكان من كبار قضاتها البارزين. وفي عام 1221هـ بعثه الإمام سعود رئيساً لقضاة مكة المكرمة ومشرفاً على أحكامهم، وفي عام 1225هـ كشف الإمام سعود القبة التي فوق صخرة مقام إبراهيم وكان المباشر لكشف القبة الشيخ حمد بن معمر وبقي الشيخ حمد رئيساً لقضاة مكة حتى وفاته.


هـ - كتبه ومؤلفاته :
للشيخ حمد كغيره من العلماء كتب يرجع إليها ، فكتبه مع بعض مؤلفاته ، وكذا كتب ابنه الشيخ عبد العزيز كان مصيرها كما ذكر لي والدي عن والده وعن الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمهم اللّه ، أن جنود إبراهيم باشا حملوا ثماني مائة كتاب من منزل الشيخ حمد وابنه عبد العزيز في الدرعية تبلغ حمولة ثلاثة جمال وأحرقوا بعضها. أما (سادلير) الذي مر الدرعية عام 1234هـ بعد سقوطها في يد إبراهيم باشا وتكلم عنها قال : «يعتقد أن مجموعة هائلة من الكتب قد كدست وأرسلت إلى المدينة المنورة ابتهاجاً بالنصر ليفحصها المختصون في العلوم الدينية قبل السماح بقراءتها» وهو بذلك يؤيد ما قاله الشيخ محمد بن عبداللطيف وجدي لوالدي من أن كـتب علمـاء الدرعية نقلت إلى المدينة.

أما مؤلفات الشيخ حمد فهي :
1-الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم بالسنة والكتاب.
2-الأسماء والصفات.
3-الرد على القبوريين.
4-الاجتهاد والتقليد.
5-التوضيح في توحيد الخلاق في جواب أهل العراق ، قام بتأليفه مع غيره من العلماء.


وفـاتـه :
توفى الشيخ حمد رحمه اللّه في العشر الأوسط من ذي الحجة عام 1225هـ في مكة المكرمة أثناء عمله فيها، فصلى عليه المسلمون بجوار الكعبة المشرفة، وذهبوا به إلى مقبرة البياضة، فخرج الإمام سعود من قصره قصر البياضة ، الملاصق الآن لقصر السقاف، ومعه جمع من المسلمين فصلوا عليه مرة أخرى ودفن بالبياضة عند الملاوي وأسف الناس وحزنوا عليه. وخلف الشيخ حمد عدداً من الأولاد الذكور وأكبرهم ناصر، وذريته هم الموجودون اليوم من ذرية الأمير عثمان ، إذ لم يبق الآن من ذرية الأمير عثمان إلا ذرية ابن حفيده ناصر بن الشيخ حمد، ويعرفون عند انفرادهم داخل أسرتهم آل معمر بآل ناصر نسبة لناصر بن حمد ويقال لهم كذلك آل عبد العزيز نسبة لابنه عبد العزيز بن ناصر بن حمد، وناصر بن الشيخ حمد من شهداء الدفاع عن الدرعية عام 1233هـ .

ومن اطلاعي على وثائق الأسرة رأيت للشيخ حمد أملاكاً وأوقافاً في العيينة والجبيلة مثل البطاحي والطرفية والصبيخة والطويلعة والشعبة، والتي في غلتها ثلاثين وزنه لجهاد أهل الجبيلة، وكذا وقف في بلد عرقة معروف باسم الشعبة، رحم اللّه الشيخ حمد وأسكنه فسيح جناته.