يمكن تقسيم تاريخ العيينة قبل شرائها من قبل حسن بن طوق جد ال معمر إلى قسمين : الأول : تاريخ العيينة قبل الإسلام
تاريخ العيينة جزء من تاريخ نجد بشكل خاص، وتاريخ الجزيرة العربية
بشكل عام،
الثانية : تاريخ العيينة
من ظهور الإسلام حتى عام
850 هـ والتاريخ القديم فيه حقب زمنية مجهولة والأمل معقود على الكشوف الأثرية لإضافة بعض اللبنات لتاريخنا العريق، لنصل في النهاية لبناء صرح تاريخي أصيل يحكي تاريخ المنطقة بشكل واضح وموثق. ولقد خضعت منطقة العيينة لحضارات سادة لفترة من الزمن ثم بادت وقبل ظهور الإسلام بقرنين من الزمان تقريباً قدمت قبيلة عدنانية مشهورة إلى المنطقة هي قبيلة بني حنيفة التي تنسب إلى (حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل). وقد انتشر بنو حنيفة ومن قدم معهم في قرى اليمامة وخصوصاً البلدان الواقعة على ضفاف وادي العرض (حنيفة) حتى غلب اسم القبلية على اسم الوادي فعرف به (وادي حنيفة). وبقي بنو حنيفة يبثون ويزرعون ويسيطرون على المنطقة خلال قرنين من الزمن غزاهم في آخرها عمرو بن كلثوم التغلبي، ودارت بينه وبينهم معركة انتهت بهزيمته وأسره وأرجح أن مكان المعركة كان في أعلى العيينة، حول بوضة (أباض) بدليل أحد الأبيات لعمرو بن كلثوم الذي يقول فيه : كأن الخيل أسفل من أباض بجنب عويرض أسراب دبر فهو يفخر بكثرة الخيول أسفل بوضة بجنب (عويرض) (جبل مصيقرة) حالياً. هذا اختصار لتاريخ المنطقة قبل ظهور الإسلام. عندما ظهر الإسلام كانت زعامة بني حنيفة في هوذة بن علي السحيمي الحنفي فامتد سلطانه على اليمامة كلها، فصار يحمي التجارة التي تأتي من بلاد الفرس ، ومن شرق الجزيرة حتى تبلغ سوق (حجر) " الرياض حالياً "وغيره من أسواق الجزيرة، ومسكن هوذة الخرج والبعض يذكر أن سكنه وادي قران - الشعيب الآن. وكان ثمامة بن أثال الحنفي يسامي هوذة بن علي في الشرف ، وهو أيضاً من بني حنيفة من أهل حجر . وفي العام العاشر من الهجرة الشريفة وفد بنو حنيفة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وفيهم مجاعة بن مرارة، والرحال بن عنفوة، ومسيلمة بن حبيب (مسيلمة الكذاب) فأكرمهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم وأعطاهم فلما رجع الوفد إلى ديارهم ادعى مسيلمة النبوة، وبعد وفاة الرسول صلى اللّه عليه وسلم قوي أمر مسيلمة وانقاد له كثير من بني حنيفة، وخاصة قومه بنو عدي ومن حولهم، وارتد معظم بني حنيفة وعطلوا بعض أركان الإسلام. حـروب الـردة (معركة اليمامة) : عزم أبو بكر الصديق خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على قتال المرتدين. فجهز أول الأمر جيشاً وأسند قيادته لعكرمة بن أبي جهل وأرسله لليمامة، وأمده بمدد بقيادة شرحبيل بن حسنة ولكن عكرمة خاض المعركة قبل وصول المدد إليه فَهُزِم فبعث للخليفة أبو بكر بالمدينة فأخبره بما كان من أمره فأمره أبو بكر بالمسير مع فلول جيشه والانضمام للجيش الذي بعثه لغزو عُمان، ومهرة وكان مصير شرحبيل بن حسنه كمصير عكرمة إذ تعجل قتال مسيلمة ومن معه، قبل قدوم خالد بن الوليد. وكان فريق من بني حنيفة بزعامة ثمامة بن أثال الحنفي ثابتاً على إسلامه مناوئاً لمسيلمة، فدارت بينه وبين مسيلمة معركـة في وادي سلام شـرق الجبيـلـة ولما لم تكن نتيجـة المعركة حاسمة لذلك أراد ثـمـامة أن يتحين الفرصة للانقضاض على مسيلمة مرة أخرى . أدرك أبو بكر رضى اللّه عنه قوة بني حنيفة وشدة بأسهم فعقد اللواء للسيف الذي لم يقهر خالد بن الوليد رضى اللّه عنه. سار خالد إلى اليمامة في السنة الحادية عشرة من الهجرة وقاد جيشاً من الصحابة يزيد عن أحد عشر ألف مقاتل بعد أن انضم إليه شرحبيل بن حسنه بمن بقي معه من جيشه خرج مسيلمة بن حبيب بجيوشه من بني حنيفة وقدر عددهم بحوالي أربعين ألف مقاتل حين سمع بقرب وصول جيوش المسلمين فنزل عقرباء وجعل حواضر ومزارع بني حنيفة خلفه وخرج خالد من ثنية الأحيسي (سبع الملفات) ولعله سلك ثنية غرور مع وادي غرور أحد روافد وادي بوضه (أباض) وعسكر خالد في مكان مرتفع هنالك ولعل موقعه الذي عسكر فيه هو سفح جبل مصيقرة الجنوبي الشرقي إلى الغرب من بلدة أباض غربي هجرة بوضة الآن ودارت رحى معارك عديدة ووقعات مختلفة في بوضة، وأهلها بني عدى من بني حنيفة، والهدار (الهديدير) وأهلها بني ذهل بن الدؤل من بني حنيفة، وفيها ولد مسيلمة وكانت الحرب سجالاً بين المسلمين وبني حنيفة. قام خالد بن الوليد بترتيب الجيش المسلم، وأمّر على المقدمة خالد المخزومي وعلى المجنبتين زيد بن الخطاب وأبا حذيفة ، ورتب مسيلمة جيشه فجعل على مجنبتيه المحكم «محكم اليمامة» ابن الطفيل والرحّال بن عنفوه. دارت عدة معارك وقتل الرحال بن عنفوة ،فتحمس المسلمون وقاتلوا قتالاً شديداً، فاستشهد زيد بن الخطاب وثابت بن قيس وعدد كبير من المسلمين، وكان حامل راية المسلمين عبد اللّه بن حفص بن غانم، فلما استشهد حملها سالم بن عبيد اللّه، وحمل عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق رضى اللّه عنه فقتل محكم اليمامة، وضغط جيش المسلمين على بني حنيفة، فتقهقر بنو حنيفة إلى الحديقة، حديقة الموت ، وهي على ما اتضح لي الموقع الذي يقع على ضفة وادي حنيفة الشمالية بين شعيب سلام والجبيلة وأغلقوا الباب فطلب البراء بن مالك أخو أنس بن مالك رضى اللّه عنهما من المسلمين أن يحملوه حتى يستطيع أن يتسلق سور الحديقة فتمكن من ذلك ونزل الحديقة وقاتل من يليه من بني حنيفة وفتح باب الحديقة فتدافع المسلمون أفواجاً حتى استأصلوا أغلب المرتدين، ووصلوا إلى مسيلمة فقتلوه، واشترك في قتله وحشي مولى جبير بن مطعم، ووحشي هذا هو الذي قتل حمزة بن عبدالمطلب رضى اللّه عنه في معركة أحد، فأراد أن يكفر عن عمله هذا بعد أن أسلم بقتل مسيلمة فرماه بالحربة، وأجهز عليه بالسيف أحد الأنصار. وكُسيت أرض المعركة بالدماء حتى ذكر أن الشعيب الذي يحد الجبيلة من الجهة الغربية سال بالدماء ، وسمى بعد ذلك بـ (شعيب الدم)، وقد أشار إلى ذلك ضرار بن الأزور رضى اللّه عنه بقوله : ولو سُئِلَتْ عنا جنوبٌ لأ خـبــرت عـشـيـة سالت عقرباء وملــهــم وسال بفرع الواد حتى ترقرقـــت حجارته فيـها من القـوم بالــــدم فذكر ضرار في البيت الثاني أن عقرباء سالت بالدماء ، وشعيب الدم ينحدر منها غربي الجبيلة عقرباء قديماً، و بعد نهاية المعركة بدأت مفاوضات الصلح بين مجاعة وخالد، فصالح مجاعة خالد .وتم الصلح، وعاد المرتدون في اليمامة إلى ربقة الإسلام، وساروا في ركاب خالد إلى ميادين الفتوحات الإسلامية ، في أرض فارس والروم غادر خالد بوضة (أباض) بعد أن ولي على اليمامة سمرة بن عمرو العنبري التميمي وقد بعث خالد وفداً من بني حنيفة إلى أبى بكر الصديق، فقدموا عليه مظهرين الولاء والطاعة، وفيهم مجاعة بن مرارة فأقطعه أبو بكر (الخضرمة) واستولى المسلمون على بعض القرى التي لم تدخل في الصلح مثل القرية (سدوس) وعرقة ، واستمرت المنطقة تابعة للخلافة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، وفي عهد معاوية ، وبعد وفاته في عهد ابنه يزيد استقل باليمامة نجدة بن عامر الحنفي، وكان قد شارك ومعه بعض بني حنيفة ابن الزبير أثناء دفاعه عن مكة في عهد يزيد بن معاوية. وكانت أباض (بوضة) عاصمة لدولة نجدة بن عامر التي قامت عام 65هـ واتسعت وشملت البحرين (المنطقة الشرقية) وعُمان وكاظمة والطائف وصنعاء وحضرموت ، واستمرت لمدة خمس سنوات ثم نقل نجده عاصمته إلى البحرين (الأحساء) وقتل عام 72هـ . ثم ولي اليمامة في عهد بني أمية ولاة يخضعون لهم مباشرة في النواحي الإدارية وفي أول عهد بني العباس استمرت المنطقة تابعة لهم كذلك، وفي منتصف القرن الثالث الهجري استولى محمد الأخيضر - وهو من سلالة الحسن بن علي بن أبي طالب رضى اللّه عنهم - على اليمامة وجعل « الخضرمة» قاعدة حكمه، وتداولت ذريته الحكم حتى منتصف القرن الخامس الهجري أي من عام 252هـ حتى عام 455هـ خلال ضعف الدولة العباسية ومذهب بني الأخيضر الزيدية وكان غالبيتهم سيئ السيرة، اضطهدوا أهل المنطقة حتى جلى عنها وهجرها أكثر أهلها إلى مصر والشام والعراق وغيرها فمثلاً أهل قران (القرينة) هجروا بلدهم نتيجة الجدب واضطهاد بني الأخيضر لهم، ورحلوا إلى البصرة عام 310هـ وبعد القضاء على بني الأخيضر عام 455هـ لم تقم دولة قوية في المنطقة بل إمارات صغيرة تخضع للقرامطة أو العيونين في الأحساء أو للأشراف في الحجاز وإن كان خضوعاً مظهرياً وشكلياً في معظم الأحيان على أن السيطرة كانت لبني حنيفة على أغلب بلدان المنطقة، كآل يزيد من بني حنيفة حتى عام 850هـ حين اشترى العيينة منهم حسن بن طوق التميمي جد آل معمر. |